سمعت صوتا هاتفا فى السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى قبل أن
تملأ كأس العمر كف القدر
لا تشغل البال بماضى الزمان
ولا بآت العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس فى طبع الليالى الأمان
غد بظهر الغيب واليوم لى
وكم يخيب الظن فى المقبل
ولست بالغافل حتى أرى
جمال دنياى ولا أجتلى
القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يارب هل يرضيك هذا الظما
والماء ينساب أمامى زلال
أولى بهذا القلب أن يخفق
وفى ضرام الحب أن يحرق
ما أضيع اليوم الذى مر بى
من غير أن أهوى وأن أعشق
أفق خفيف الظل هذا السحر
نادى دع النوم وناغ الوتر
فما أطال النوم عمرا ولا
قصر فى الأعمار طول السهر
فكم توالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامش الهوينا ان هذا الثرى
من أعين ساحرة الإحورار
لا توحش النفس بخوف الظنون
واغنم من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوى فى الثرى راحل غدا
وماض من الوف السنين
أطفىء لظى القلب بشهد الرضاب
فإنما الايام مثل السحاب
وعيشنا طيف خيال فنل حظك
منه قبل فوت الشباب
لبست ثوب العيش لم استشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف انضو الثوب عنى ولم
ادرك لماذا جئت اين المفر
يا من يحار الفهم فى قدرتك
وتطلب النفس حمى طاعتك
اسكرنى الإثم ولكننى
صحوت بالآمال فى رحمتك
إن لم أكن اخلصت فى طاعتك
فإننى أطمع فى رحمتك
وانما يشفع لى اننى قد
عشت لا أشرك فى وحدتك
تخفى عن الناس سنى طلعتك
وكل ما فى الكون من صنعتك
فأنت محلاه وأنت الذى
ترى بديع الصنع فى آيتك
إن تفصل القطرة من بحرها
ففى مداه منتهى أمرها
تقاربت يارب ما بيننا
مسافة البعد على قدرها
ياعالم الأسرار علم اليقين
ياكاشف الضر عن البائسين
ياقابل الأعذار عدنا الى ظلك
فاقبل توبة التائبين