رأيتُ تلكٓ الجبالِ الصّامتة
بصوتكٓ أخذت تصرخ
مِن جهاتك الأربع أضرمتٓ النارٓ
لكن هذا ليسٓ انتحاراً
صرخاتكٓ لَمْ يكن لها مثيلٌ
وكذا كان صمتُك
مع الرياحِ الغربيّة
أصبحتٓ شاباً مُعٓمِّرٓاً
لكنّكٓ لم تَدعِ الموتٓ فيكٓ يشفي غليلٓه
وبقيتٓ دونٓ الصّباحات
لم تبتعد عن الحبّ يوماً
ولا عن صخبِ الحياة
فارغاً باتٓ الخريفُ من دونك
أنتٓ الّذي منحٓ الإرادةٓ قوةً
لقد رأيتُ الجبلٓ أبكماً
أنتٓ أصبحتٓ صراخٓه
بصوتكٓ أزهرٓ الأملُ
وأصبحٓ الربيعُ أكثرٓ بهجةً
صرخاتُكٓ كانٓت حيّةً
استيقظتْ من سباتٍ عميق
كنتٓ طيراً تحلّقُ في الأعالي
وتحطُّ على القمم
خارطةُ الحبِّ أسىً
بقيت آثارُه على الخريف
لذا تتساقطُ الأوراقُ
وتبشرُ بمجيءِ الرّبيع
الحياةُ شجرةٌ من الحسرات، يا أخي
عقيمةٌ هي من دون أحزان
مازالت جغرافيا الفرحِ تائهةٌ
يُقٓالُ بأنّه عٓلِقٓ في مياهِ نهرٍ
وأزهرٓ على ضفافِ حبٍّ
في مكانٍ غريبٍ، ولكن ليس بالبعيد
ربّما في مكانٍ أقرب إليهِ من رموشِ عينٓيهِ
لكن رغم ذلك هو مفقود
لقد سقطٓ هناك:
في المكان الّذي بقي فيه صامتاً كانٓ ثمّةٓ عصفورٌ
في المكان الّذي بكى فيه كان ثمّةٓ طفلٌ
في المكان الّذي تألّم فيه كان ثمّةٓ جرحٌ
من يحظى - يا أخي - بوداعٍ مُفاجِئ
فأجملُ الصرخاتِ هي صرخاتُهُ.